مشروع تصريح هيئة تحرير « ايسكرا » و « زاريا » |
كتب: ربيع 1900 |
صدر
تصريح مجلة زاريا على حدة. وصدر تصريح إصدار ايسكرا في صيغة مختصرة
لهذا المشروع. نرى من اللازم، لحظة إقدامنا على إصدارين اشتراكيين ديمقراطيين: مجلة سياسية وعلمية وجريدة عمالية لعموم روسيا، قول بضع كلمات حول برنامجنا وهدفنا والكيفية التي نفهم بها مهامنا. إننا نجتاز مرحلة ذات أهمية استثنائية في تاريخ الحركة العمالية الروسية والاشتراكية الديمقراطية الروسية، فكل المعطيات تدل على أن حركتنا دخلت طورا حرجا: إذ اتسعت بسرعة ومدت في مختلف أقاصي البلد براعم فتية قوية لدرجة أننا نراها اليوم تبدي بقوة لا تقهر ميلها إلى التعزز واكتساء شكل أرقى وإعطاء نفسها سيماء وتنظيما محددين بوضوح. وفعلا تميزت السنوات الأخيرة بانتشار سريع، لا يُصدق، للأفكار الاشتراكية بين مثقفي بلدنا، وتقابل تيار الفكر الاجتماعي هذا الحركة العفوية، المستقلة تماما، للبروليتاريا الصناعية التي بدأت تتحد وتحارب مضطهديها مبدية توقا محتدما إلى الاشتراكية. وتنبثق حلقات عمال ومثقفين اشتراكيين ديمقراطيين من كل مكان ونرى ظهور أوراق تحريض محلية ويتنامى الطلب على الأدب الاشتراكي الديمقراطي متجاوزا العرض بشكل كبير، ويظل ما تمارسه الحكومة من اضطهاد عاجزا عن وقف هذه الحركة. السجون طافحة والمنافي مكتظة، وكل شهر تقريبا تصل أخبار نجاح الشرطة في« نصب شباك » للاشتراكيين في كل نقاط روسيا وفي مصادرة مواكب سرية واعتقال محرضين ومصادرة المطبوعات وإغلاق مطابع، لكن الحركة لا تتوقف بل تستمر في التطور وتتغلغل بشكل أعمق يوما بعد يوم في الطبقة العاملة وتجتذب دوما مزيدا من اهتمام الرأي العام. وإن التطور الاقتصادي لروسيا بكامله وكل تاريخ الفكر الاجتماعي الروسي والحركة الثورية الروسية ضامنان لنمو الحركة العمالية الاشتراكية-الديمقراطية رغم كل العقبات ولقدرتها على تخطيها. إن السمة الأساسية لحركتنا، البادية للعيان في الآونة الأخيرة، هي تشتتها أي طابعها الحرفي إن جاز القول: تتكون الحلقات المحلية وتعمل تقريبا مستقلة عن تلك القائمة في أماكن أخرى، وحتى (وهذا خطير جدا) باستقلال عن تلك التي كانت تعمل سابقا أو تعمل في نفس الآن في نفس الموضع. ولا تقوم تقاليد ولا استمرار وتعكس المطبوعات المحلية على أكمل وجه هذا التشتت وغياب الصلة مع ما سبق ان قامت به الاشتراكية الديمقراطية الروسية. تبدو المرحلة الراهنة حرجة بنظرنا بالضبط لان الحركة تتجاوز هذا الطابع الحرفي وهذا التشتت وتستدعي بإلحاح الانتقال إلى شكل أرقى، شكل موحد اكثر ومنظم اكثر وعلى نحو أفضل، نرى أننا ملزمون بالعمل لبلوغه. وجلي ان هذا التشتت حتمي تماما في مرحلة من مراحل الحركة أي في بداياتها. وان غياب الاستمرارية طبيعي عندما تنمو حركة بسرعة وشمولية مدهشتين بعد مرحلة سبات الثورة. ومن المحقق أيضا أن تنوع الشروط المحلية وتباين وضع الطبقة العاملة في هذه الناحية أو تلك وأخيرا وجهات نظر المناضلين الخاصة في كل موضع، كلها ستظل قائمة دوما وإن هذا التنوع يدل بالضبط على حيوية الحركة والطابع العادي لنموها. هذا كله صحيح، لكن التشتت ونقص التنظيم ليسا بأي وجه نتيجة حتمية لذلك التنوع. إن ضمان استمرار الحركة للحركة وتوحيدها لن يستبعدا التنوع بل يفتحان له بالعكس مجالا أوسع واكثر حرية. لكن في طورنا الحالي بدأ التشتت يمارس أثرا مضرا ويهدد بوضع الحركة على طريق خاطئة: من شأن النزعة العملية الضيقة، المقطوعة عن النظرية التي تنير الحركة بمجملها، قطع الصلة بين الاشتراكية والحركة الثورية الروسية من جهة والحركة العمالية العفوية من جهة ثانية. والدليل أن هذا الخطر ليس خياليا ماثل في مطبوعات مثل « كريدو »(1) الذي سبق أن آثار احتجاجا وتنديدا مشروعا للغاية ومثل « الملحق الخاص » لرابوتشايا ميسل (سبتمبر 1999). ففي هذا الملحق برز على أوضح شكل الميل الذي يخترق جريدة رابوتشايا ميسل بكاملها، وثمة بدأ يتأكد اتجاه خاص في الاشتراكية الديمقراطية الروسية، اتجاه من شأنه التسبب بأكبر ضرر وبالتالي يجب محاربته. أما المطبوعات الشرعية الروسية، مع ماركسيتها المحرفة، الصالحة فقط لافساد الوعي العام، فإنها تضاعف الفوضى التي سمحت لبرينشتاين الشهير (الشهير بإفلاسه) أن يطبع أمام العالم أكذوبته التي مؤداها أن غالبية الاشتراكيين الديمقراطيين المناضلة في روسيا تشاطره تصوراته. من السابق لأوانه الحكم على عمق هذا الخلاف وعلى حظوظ تكون اتجاه خاص (لسنا بأي وجه ميالين إلى حل هذه المسائل منذ الآن في اتجاه الإيجاب ولم نفقد بعد بتاتا أمل القدرة على العمل سويا) لكن غض الطرف عن خطورة الوضع اكثر ضررا من مبالغة أمر هذا الخلاف ونحيي بابتهاج صادق استئناف مطبوعات فريق « تحرير العمل » والنضال الذي خاضه ضد محاولات تشويه الاشتراكية الديمقراطية وتحقيرها. هاكم الخلاصة العملية: واجبنا نحن الاشتراكيون الديمقراطيون الروس هو أن نتحد ونوجه كامل جهودنا نحو تشكيل حزب موحد وصلب مكافح تحت راية البرنامج الاشتراكي-الديمقراطي الثوري وصائن لاستمرار الحركة وعامل بمنهجية في تنظيمها. ليست هذه الخلاصة جديدة. فقد سبق ان توصل اليها الاشتراكيون الديمقراطيون الروس قبل سنتين لما قام ممثلو المجموعات الاشتراكية الديمقراطية بروسيا، المجتمعون في مؤتمر ربيع 1898، بتأسيس حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ونشروا بيان هذا الحزب واعترفوا بـ« رابوتشايا غازيتا » صحيفة رسمية للحزب. إننا نعتبر أنفسنا أعضاء في حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ونشاطر دون تحفظ أفكار البيان الأساسية ونوليه أهمية كبيرة بما هو إعلان عمومي للأهداف التي يجب ان يسعى إليها حزبنا. لذا فإن مسألة الأهداف القريبة والآنية لحزبنا تطرح بالنسبة لنا نحن أعضاء الحزب على النحو التالي: أي خطة عمل يجب ان نعتمد لضمان بعث للحزب متين قدر الإمكان ؟ يرى بعض الرفاق (وحتى بعض المجموعات والمنظمات) أنه يجب، لهذا الغرض، انتخاب هيئة مركزية جديدة وتكليفها باستئناف إصدار جريدة الحزب. هذه الخطة بنظرنا خاطئة أو بأقل تقدير حبلى بالمخاطر. إن خلق الحزب وتوطيده هو خلق وتوطيد وحدة كل الاشتراكيين الديمقراطيين الروس، والحال أن هكذا وحدة لا يمكن إعلانها ببساطة فقط بقرار يصادق عليه اجتماع مندوبين بل يجب إرساؤها. يجب أولا إرساء أدب سياسي مشترك لكامل الحزب، مشترك ليس فقط بمعنى أنه سيخدم كل الحركة الروسية وليس هذه الناحية أو تلك أو أنه سيتناول الحركة بمجملها ويساعد البروليتاريين الواعين في نضالهم بدل الاكتفاء بتفحص المسائل المحلية، بل هو مشترك أيضا بمعنى أنه سيجمع كل القوى الأدبية المتوافرة وسيعبر عن كل تنويعات الفكر ووجهات النظر القائمة بين الاشتراكيين الديمقراطيين الروس، لا بصفتهم مناضلين معزولين بل كرفاق مرتبطين ببرنامج مشترك وبنضال مشترك في صفوف نفس المنظمة. ثانيا يجب إرساء منظمة مكلفة بوجه خاص بالحفاظ على الصلة بين كل مراكز الحركة، والحصول في الوقت المناسب على معلومات كاملة حول هذه الحركة وتأمين انتظام تزويد كافة نقاط روسيا بصحافة دورية. فقط عندما يتم إرساء هكذا منظمة، عندما يُخلق بريد اشتراكي روسي يُضمن وجود الحزب ويصبح واقعا حقيقيا وبالتالي عاملا سياسيا قويا أيضا. إن القسم الأول من هذه المهمة، أي إرساء أدب مشترك هو ما نريد تكريس جهودنا لتحقيقه، لأننا نعتبره حاجة حيوية للحركة في اللحظة الراهنة وإجراء إعداديا لا غنى عنه لاستئناف نشاط الحزب. من طابع الهدف الذي نضعه على كاهلنا ينبع بشكل طبيعي البرنامج الذي سيلهم الإصدارات التي سننشر. فعليها أن تبوأ المشاكل النظرية مكانة كبيرة، أي النظرية الاشتراكية الديمقراطية بوجه عام وتطبيقها على الواقع الروسي على حد سواء. إن الطابع الملح لنقاش هذه المشاكل نقاشا عموميا أمر لاشك فيه ولا هو في حاجة إلى التعليق بعد ما قيل للتو. وجلي أن مسائل النظرية العامة يجب أن ترفق بالإعلام حول الحركة العمالية بالغرب، تاريخها وراهنها. وبعد ذلك نضع على كاهلنا تفحصا متواصلا لكل المسائل السياسية: على حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي أن يتخذ موقفا من كل ما تثيره الحياة من مشاكل في كافة المجالات، حول مسائل السياسة الداخلية والدولية. يجب عن نعمل على نحو يتيح لكل مناضل اشتراكي ديمقراطي، وكل عامل واع، تكوين رأي محدد حول كل المشاكل الأساسية: إذ بدون ذلك يستحيل تنظيم دعاوة وتحريض منهجيين على نطاق واسع. وسيتم ربط نقاش مسائل النظرية والسياسية بصياغة برنامج الحزب الذي سبق لمؤتمر الحزب سنة 1898 أن اعترف بضرورته. وننوي نشر مشروع عما قريب يُناقش من جميع أوجهه ليقدم مواد كافية للمؤتمر المقبل الذي سيصادق على برنامج الحزب. وبعد ذلك نرى أنه من الملح بوجه خاص دراسة مشاكل التنظيم والوسائل العملية للسير بعملنا. إن لغياب الاستمرار والتشتت المذكرين أعلاه مضاعفات مؤسفة بنحو خاص على الحالة الراهنة للانضباط الحزبي وعلى تنظيمه وتقنية العمل السري. ويجب الاعتراف بصراحة أننا، نحن الاشتراكيون الديمقراطيون، متأخرون جدا بهذا الصدد عن مناضلي الحركة الثورية الروسية القدامى وعن باقي التجمعات القائمة في بلدنا، ويتعين علينا بذل كل ما بوسعنا لتدارك ضعفنا بهذا الصدد. إن الانخراط الواسع للشباب العامل والمثقف بالحركة وعدد الاعتقالات المتنامي ودقة تقنية أشكال الاضطهاد الحكومي، كلها تجعل الدعاوة للمبادئ والطرائق التنظيمية للحزب وانضباطه وتقنية العمل السري أمرا لا غنى عنه. إذا لقيت هذه الدعاوة دعما من مختلف المجموعات وكافة الرفاق الأكثر خبرة، فيمكن ويجب أن تفضي إلى تحويل الشباب الاشتراكي والشباب العامل إلى قادة ماهرين للحركة الثورية، قادرين على تخطي كل ما ينصبه نير الدولة البوليسية الاتوقراطية من عقبات بوجه عملنا والاستجابة لمتطلبات الجماهير العمالية التواقة عفويا إلى الاشتراكية وإلى النضال السياسي. وأخيرا يجب أن يمثل تحليل هذه الحركة العفوية (بين الجماهير العمالية وبين مثقفينا على السواء)، المرتبط بالمواضيع المذكورة، أحد أهدافنا الرئيسية: يجب ان نتوصل إلى رؤية واضحة لحركة المثقفين الاجتماعية التي طبعت سنوات 1895-1900 في روسيا والتي تضم تيارات مختلفة ومتنافرة أحيانا. وعلينا ان ندرس بعناية شروط الطبقة العاملة في كل فروع الاقتصاد وأشكال وظروف استيقاظها ونضالها الناشئ، وذلك قصد ربط الاشتراكية الماركسية، التي باتت تمد جذورا في أرض روسيا، بالحركة العمالية الروسية في كل لا يتجزأ، وربط الحركة الثورية الروسية بالاندفاع العفوي للجماهير الشعبية. إن تحقيق هذا الارتباط هو وحده الكفيل لتشكل حزب عمالي اشتراكي ديمقراطي في روسيا، لأن الاشتراكية الديمقراطية لا تقتصر على خدمة الحركة العمالية العفوية (كما يميل إلى الاعتقاد بذلك بعض « عمليينا »)، بل قوامها توحيد الاشتراكية والحركة العمالية. هذه الوحدة، دون غيرها، تمنح البروليتاريا الروسية إمكان الاضطلاع بمهمتها السياسية الأولى: تحرير روسيا من نير الاتوقراطية. أما توزيع هذه المواضيع والمسائل بين المجلة والجريدة، فسيحدده حصرا الفرق في الحجم وكذا اختلاف الطابع: يجب أن تكون المجلة بوجه خاص أداة دعاوة بينما الجريدة أداة تحريض. لكن يجب أن تعكس المجلة كما الجريدة كل أوجه الحركة ونحرص بوجه خاص على تأكيد شجبنا لكل خطة تبقي الجريدة العمالية في حدود ما له علاقة مباشرة وآنية بالحركة العمالية العفوية بينما تخص المنبر الموجه إلى المثقفين بما يتعلق بنظرية الاشتراكية وبالعلم وبالسياسة وبتنظيم الحزب، الخ. على العكس يجب بالضبط ربط كل الوقائع المحسوسة وكل مظاهر الحركة العمالية الملموسة بتلك المسائل؛ يجب تسليط ضوء النظرية على كل واقعة خاصة، ويجب أن تجعل الدعاوة مشاكل سياسة الحزب وتنظيمه في متناول أوسع جماهير الطبقة العاملة. ويجب أن تغدو تلك المشاكل موضوع تحريض. لقد أصبح شكل التحريض الذي ساد عندنا حتى الآن، أي التحريض بمناشير محلية، غير كاف: إنها ضيقة جدا لأنها لا تتناول غير مسائل محلية وبشكل أساسي مسائل النضال الاقتصادي (النقابي). يجب العمل لبلوغ شكل تحريض أرقى: تحريض بالجريدة يسجل دوريا، وفي نفس الوقت، تظلمات العمال والإضرابات العمالية وأشكال نضال البروليتاريا الأخرى وكل مظاهر الاضطهاد السياسي في روسيا برمتها، مستنتجة من كل واقعة من هذه الوقائع خلاصات محددة حسب الأهداف النهائية للاشتراكية والمهام السياسية للبروليتاريا الروسية. « تمديد إطار عملنا الدعاوي والتحريضي والتنظيمي وتوسيع مضمونه »، يجب أن تصبح أقوال اكسلرود هذه الشعار المحدد لخط سير الاشتراكيين الديمقراطيين الروس في المرحلة القادمة: إننا نتبنى هذا الشعار في برنامج إصداراتنا الصحفية. وهنا ينطرح بشكل طبيعي السؤال التالي: إن كان على الجريدة والمجلة المرتقبتين أن تساهما في توحيد كل الاشتراكيين الديمقراطيين الروس وتجميعهم في حزب واحد، فعليها أن تعكس كل تنويعات الآراء وكل الخصوصيات المحلية وكل تنوع طرائق العمل. كيف يمكن التوفيق بين مجموع هذه الآراء المتنافرة ووحدة تحرير منبرينا ؟ هل يتعين ان يكون المنبران مجرد تجميع لاراء متباينة ام يجب امتلاك توجه خاص محدد بوضوح ؟ إننا نختار الجواب الثاني ونأمل أن جريدة ذات توجه محدد قد تفيد بالفعل أيضا ( كما سنأتي على ذكره لاحقا) في التعبير عن وجهات النظر المتباينة وتنظيم سجالات رفاقية بين المتعاونين معها. إننا وفق رؤانا نشاطر بالكامل الأفكار الأساسية للماركسية (كما عبر عنها البيان الشيوعي وبرامج الاشتراكيين الديمقراطيين بالغرب) ونؤيد تطويرها المنهجي وفق روح ماركس وانجلز، مع رفضنا القاطع للتعديلات الملتبسة والانتهازية التي جعلها مثال برينشاتين موضة اليوم. إننا نرى مهمة الاشتراكية الديمقراطية في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي وفي الإسهام في هذا النضال وفي التذكير بهدفها النهائي الضروري وفي تحليل الشروط المحددة لمناهج ذلك النضال. "تحرر الطبقة العاملة يجب ان يكون من صنع العمال أنفسهم". لكن دون سعي إلى فصل الاشتراكية الديمقراطية عن الحركة العمالية، علينا ألا ننسى أن مهمتها هي تمثيل مصالح هذه الحركة بمجملها في كافة البلدان وأن عليها ألا تسقط بأي وجه في ورع أعمى أمام هذا أو ذاك من أطوار تلك الحركة في مرحلة معينة أو مكان معين. ونرى أن الاشتراكية-الديمقراطية مدعوة لمساندة كل حركة ثورية موجهة ضد النظام السياسي والاجتماعي القائم، ونعتبر أن هدفها هو ظفر الطبقة العاملة بالسلطة ونزع ملكية نازعي الملكية وبناء مجتمع اشتراكي. ونرفض قطعا كل محاولة لاضعاف أو تمويه الطابع الثوري للاشتراكية-الديمقراطية، التي تمثل حزب الثورة الاجتماعية والعدو الشرس لكافة الطبقات التي تظل على قاعدة النظام الاجتماعي القائم. وبوجه خاص يتمثل الدور التاريخي للاشتراكية-الديمقراطية الروسية، بنظرنا، في إطاحة الاتوقراطية: إن الاشتراكية-الديمقراطية الروسية مدعوة للنضال في طليعة الحركة الديمقراطية الروسية لأجل تحقيق الهدف الذي يضعه على كاهلها كامل تطور روسيا الاجتماعي والذي أورثه إياها رواد الحركة الثورية الروسية الأماجد. إن الربط الوثيق بين النضال الاقتصادي والنضال السياسي وإيصال الدعاوة والتحريض السياسيين إلى شرائح متسعة باستمرار من الطبقة العاملة هو الكفيل بتأهيل الاشتراكية الديمقراطية للاضطلاع بمهمتها. انطلاقا من وجهة النظر هذه (المشار اليها هنا بخطوط عريضة والتي فصلها وشرحها مرارا فريق « تحرير العمل » وبيان حزب العمال الاشتراكي-الديمقراطي الروسي و« التعليق » على هذا البيان أي كراس مهام الاشتراكيين الديمقراطيين الروس(2) وكذا كراس القضية العمالية في روسيا (أسس برنامج الاشتراكية-الديمقراطية الروسية))، سنتناول كل المشاكل النظرية والعملية؛ إن الأفكار المشار إليها أعلاه هي ما سنحاول ان نربط به كل مظاهر الحركة العمالية والاحتجاج الديمقراطي في روسيا. لكننا، إذ نمارس نشاطنا الصحفي وفق روح توجه محدد،لا ننوي بأي وجه اعتبار كل خصوصيات آرائنا رأيا لكافة الاشتراكيين-الديمقراطيين الروس؛ ولا ننوي إطلاقا إنكار الخلافات القائمة، أو تمويهها أو إزاحتها إلى مرتبة ثانية. إننا نسعى،على العكس، إلى جعل إصداراتنا منبرا لنقاش كل المشاكل من طرف كافة الاشتراكيين-الديمقراطيين الروس ذوي الآراء الأكثر تباينا. ودون استبعاد للجدال بين الرفاق نحن عازمون، على العكس، على ايلائه مكانة كبيرة. إن جدالا صريحا بين كافة الاشتراكيين-الديمقراطيين وكافة العمال الواعين أمر لا غنى عنه ومرغوب لسبر عمق الخلافات القائمة، ولأجل فحض قضايا الخلاف من كافة الجوانب، ومن أجل محاربة الغلو الذي يقع فيه حتما أنصار مختلف وجهات النظر، وممثلو مختلف جهات ومختلف « مهن » الحركة الثورية. بل إننا نرى أحد عيوب الحركة الحالية في غياب جدال صريح بين الآراء المتباينة بشكل جلي، غايته إخفاء خلافات متعلقة بمسائل أساسية حقا. وفضلا عن ذلك، إقرارا بكون الطبقة العاملة الروسية والاشتراكية-الديمقراطية الروسية طليعة الديمقراطية والحرية السياسية، نرى لزاما أن نحاول جعل صحفنا صحفا مشتركا لكافة الحركة الديمقراطية، ولا يعني ذلك أننا نقبل ولو لحظة نسيان التناقض القائم بين البروليتاريا وباقي الطبقات أو أننا قد نقبل أبدا أدنى تخفيف للصراع الطبقي، بل بمعنى أننا سنطرح ونناقش كل المسائل الديمقراطية دون الاقتصار على المسائل البروليتارية المحض، وسنؤكد ونناقش كل حالات وكل مظاهر الاضطهاد السياسي وسنبرز كل أشكال الصلة بين الحركة العمالية والنضال السياسي، وسنسعى لكسب كل الناس الصادقين العازمين على محاربة الاتوقراطية دون تمييز بين الآراء أو الطبقات بدعوتهم إلى مساندة الطبقة العاملة القوة الثورية الوحيدة والمعادية على نحو لا يقهر للحكم المطلق. لذا إن كنا نخاطب قبل كل شيء الاشتراكيين والعمال الواعين الروس، لا نريد الاقتصار عليهم. كما ندعو كل من يسحقهم النظام السياسي الروسي الراهن ويضطهدهم ومن يسعون إلى تحرير الشعب الروسي من عبوديته السياسية، إلى مساندة المطبوعات التي تكرس جهودها لتنظيم الحركة العمالية في حزب سياسي ثوري ونفتح لهم صفحاتنا لفضح كل دناءات وجرائم الاتوقراطية الروسية. إننا نوجه هذه الدعوة بقناعة أن راية النضال السياسي المرفوعة من طرف الاشتراكية الديمقراطية يمكن ويجب أن تصبح راية مشتركة للشعب الروسي قاطبة. إن ما نضع على كاهلنا من مهام واسع جدا وشامل ولن نجازف بالقيام بها لو لم نستمد من تجربتنا الثقة الراسخة أنها الأهداف الآنية لحركتنا ولو لم نكن متيقنين من تعاطف ومؤازرة تامة ودائمة من :1- العديد من منظمات حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي المناضلة في مدن عديدة. 2- فريق « تحرير العمل » الذي أسس الاشتراكية الديمقراطية الروسية وكان دائما على رأس منظريها وصحفييها. 3- أشخاص عديدين غير منتمين لمنظماتنا لكنهم يناصرون مع الحركة العمالية الاشتراكية-الديمقراطية ويسدون لها خدمات عدة. وسنبذل قصارانا للوفاء، كما ينبغي، بالالتزامات التي قطعناها على أنفسنا في العمل الثوري المشترك ونرغب ان يعتبر كافة الرفاق الروس مطبوعاتنا بمثابة جريدتهم الخاصة التي تمدها كل مجموعة بكامل معلوماتها حول الحركة وتحيطها علما بكامل أفكارها وحاجاتها من المطبوعات وتجربتها ورأيها في المنشورات الاشتراكية-الديمقراطية أي باختصار الإخبار بكل ما تمد به الحركة وكل ما تستمد منها.هذا هو شرط امتلاكنا لجريدة اشتراكية-ديمقراطية صالحة فعلا لعامة روسيا. لقد باتت الحركة الاشتراكية-الديمقراطية محصورة في السرية حيث تعمل مجموعات معزولة وحلقات مشتتة وقد آن أوان انخراطها على طريق الدعاوة العمومية للاشتراكية وعلى طريق نضال سياسي مفتوح ويجب أن يكون تأسيس جريدة اشتراكية-ديمقراطية لعامة روسيا الخطوة الأولى على هذا الطريق. (1)
كريدو: بيان جماعة « الاقتصاديين » (بروكوبوفيتش وكوسكوفا وآخرون ممن
أصبحوا من الكاديت لاحقا). تناول لينين بيان « كريدو » بالنقد في مقاله
« احتجاج الاشتراكيين الديمقراطيين الروس » – لينين الأعمال بالفرنسية ص
171 – موسكو طبعة 1976 |