وهذه القوانين العامة عينها التي تتحكم عامة بسعر
البضائع، تتحكم أيضا طبعا بالأجرة، بسعر العمل. إن أجرة العمل سترتفع تارة، وتنخفض طور، تبعا للنسبة بين العرض والطلب، تبعا لحالة المزاحمة بين شاري قوة العمل، الرأسماليين، وباعة
قوة العمل، العمال. وتقلبات أسعار البضائع بعامة إنما تُطابقها تقلبات
الأجور. ولكن في حدود هذه التقلبات، يتحدد سعر العمل بنفقات الإنتاج،
بوقت العمل الضروري لإنتاج هذه البضاعة التي هي قوة العمل. ولكن ما هي نفقات إنتاج العمل ؟ إنها النفقات الضرورية لإبقاء العامل بوصفه عاملا ولجعله عاملا. ولهذ، كلما قلّ ما يتطلبه عمل معين من الوقت لأجل التدريب المهني،
قلّت نفقات إنتاج العامل، وهبط سعر عمله، وهبطت أجرته. ففي الفروع
الصناعية التي تكاد لا تتطلب أي تدريب مهني، والتي يكفي فيها مجرد
وجود العامل مادي، تكاد نفقات الإنتاج الضرورية له تقتصر بوجه الحصر
على البضائع الضرورية لإعاشته لحفظ قدرته على العمل. ولهذا يتحدد سعر
عمله في هذه الحال بسعر الوسائل الضرورية للعيش. بيد أن اعتبارا آخر ينضم إلى هذا الاعتبار. فإن الصناعي الذي يحسب نفقات إنتاجه وعلى أساسها سعر المنتجات، يُدخل
في حساباته استهلاك أدوات العمل. فإذا كلفته آلة ما 1000 مارك، مثل، وإذا كان سيستهلكها في عشر سنوات، فإنه يضيف كل سنة 100 مارك على سعر
البضاعة لكي يتمكن من الاستعاضة بعد عشر سنوات عن الآلة البالية بآلة
جديدة. وعلى النحو نفسه، ينبغي أن تشمل نفقات إنتاج قوة العمل البسيطة
على نفقات التناسل الذي يتمكن جنس العمال بواسطته من التكاثر ومن
إحلال العمال الجدد محل العمال المستهلَكين. وهكذا يُؤخذ استهلاك
العمال في الحساب شأنه شأن استهلاك الآلة. إن نفقات إنتاج قوة العمل البسيطة تتألف إذن من نفقات معيشة وتناسل
العمال. وسعر نفقات المعيشة والتناسل هذه تـُشكل الأجرة. والأجرة
المحدَّدة على هذا النحو تسمى الحد الأدنى للأجرة. وهذا الحد الأدنى
للأجرة، شأنه شأن تحديد سعر البضائع بنفقات الإنتاج على وجه العموم،
إنما يصح على الجنس، لا على الفرد بمفرده. فهناك عمال، ملايين العمال
لا يحصلون على ما يكفي للمعيشة والتناسل؛ ولكن أجر الطبقة العاملة
بأسرها تساوي هذا الحد الأدنى، ضمن حدود تقلباتها. والآن، وقد أوضحنا أعم القوانين التي تحدد الأجرة وكذلك سعر أية
بضاعة أخرى، نستطيع أن نتعمق أكثر في موضوعنا. |